قبل سنتان تقريبًا بدأت أتخيل: ما الذي سيحدث لو اجتمع دستويفسكي وليو تولستوي في غرفة ما، وتحدثا؟ عمّ سيتحدثان أصلًا؟ وما نوع المواضيع التي قد يتحدث عنها فرانز كافكا وسارتر؟ هل سيتفقان بأن العالم عبثي وبأننا أحيانًا قد نشعر بأننا صراصير -مثلما وصف كافكا- ولا أحد يأبه لنا؟ أم أنّ سارتر سيقنعه أن وجودنا مهم، وبأن لدينا القدرة على تغيير العالم؟أستتفق سيمون دي بوفوار مع جوديث بتلر لو جمعهن الوقت وجلسن على طاولةً واحدة؟ وكيف ستصف سيلفيا بلاث مشاعرها لمي زيادة؟ بدأت أتخيل أحاديثهم، وماذا سيشرب كلُّ واحدًا منهم، وما نوع الطاولة أو المقهى الذي سيختارونه. تخيلت حتى رماد السجائر وهو يحترق بينما يتحدثون ناسين أن لا وزن ولا ثقل لكلماتهم، وبرغم ذلك يستمرون بالحديث وكأن العالم يكترث.
تخيلت هذه الأحاديث كثيرًا حتى لم تعد مجرد خيالات فردية عندما شاركتها مع أخواتي: منار وضي. أصبحنا نتخيل معًا أسماء الأشخاص، ثم أحاديثهم، ومن ثم حولنا هذه الأحاديث وهذه الأسئلة التي حامت حولنا إلى شخصيات جديدة، شخصيات لا تملك صورًا منتشرة لها، ولم ينشر لها كتبٌ أو مقالات. ثلاثة نساء لم يسمع بهن أحد قط. هن: سمر، وسوسن، وسلمى.
سمر وسوسن وسلمى — لا يتفقن كثيرًا، ولكل واحدة فلسفة معينة تتبعها في الحياة. اجتمعن على طاولة سوداء وغرفة مظلمة، كل شيء ساكن مثل سكون الكون الذي نسكنه ونسأله وهو صامتًا لا يجيب ولا يسمع. رسمت ضي سمر وسوسن وسلمى كما تخيلناهن سوية، أحببناهن جدًا ومثلت كل واحدة منهن مشاعر مررنا بها، وأسئلةً لم نجد لها جوابًا بعد. أردنا طبعًا أن نحول حديثهن لفيلم.
شخصيات الفيلم. وماذا تمثل كل واحدة منهن:
سمر
سمر وجودية. عندما تقف على حافة الجبل وتشعرُ بصداعِ مريب؛ فسبب هذا الصداع هو حجم الحرية التي ارتمت على كتفيك، فأنت في هذه اللحظة قادر على دفع نفسك لأسفل الجبل وإنهاء حياتك. سمر تشعر بالصداع دومًا بسبب كثافة الحرية التي تشعر بها.
سوسن سوسن عبثية. إن سقطت عليك صخرة من أعلى التل كل يوم وظللت ترفعها للأعلى، ستظن أنك ملعون. لكنّ سوسن تتخيلك سعيدًا وأنت ترفع هذه الصخرة. سوسن ترى بأنك الصخرة والجبل والشخص الملعون، لا فرق بينكم.
سلمى
سلمى عدمية. أرجوك، لا تظنَّ نفسك عميقًا وأنت تفكر في الانتحار، فذلك فقط يجعلك متفائلًا ومثيرًا للشفقة. فإن لم يكن للحياة سبب؛ لماذا تظن أن ثمة سببًا للموت؟
تشويقة الفيلم
للفيلم أحاديث أطول، لا نريد إفسادها عليكم. إنجازناه بالكامل، حتى الموسيقى صنعناها خصيصًا للفيلم. نطمح أن يلامس هذا الفيلم عزلة الإنسان و مشاعرنا المضطربة. بإمكانكم رؤية صور الفيلم، وصور أيام العرض وغير ذلك على هذه الصفحة. أصبح حلمنا حقيقة!